مقدمة
أعلنت مؤسسة Mozilla بداية الشهر الحالي جوان/ يونيو/ حَزِيران 2021 إصدار النسخة الأحدث من متصفحها Firefox التي تحمل الرقم 89. يأتي هذا الإصدار ليواصل جهود المؤسسة الحثيثة في استعادة مركزها المناسب عند المستخدمين واستعادة شيء من حصتها السوقية التي بدأت في فقدانها منذ أكثر من عشر سنوات لمصلحة متصفح Google Chrome بعد أن كانت المهيمنة على سوق المتصفحات.
استغللت وصول هذا الإصدار لمستودعات توزيعة Linux Mint (مستودعات توفرها لينكس منت كإضافة لمستودعات أوبنتو) كي أجربه وأكتشف جديد التغييرات عليه لموافاتكم هذا المقال. تابعوا معنا مستجدات هذا المتصفح التي شملت تغييرات في التصميم واهتماما أكبر بخصوصية المستخدم خلال تصفح الويب.
أبرز التغييرات
يُعد هذا الإصدار إصدارا رئيسيا عمل فيه المطورون بصفة أساسية على تبسيط وتسهيل واجهة المستخدم وجعلها أكثر جاذبية، وعلى زيادة خصوصية المستخدم في أثناء تصفح الويب.
تصميم جديد، أبسط، وأكثر عملية
اِعتمد المطورون على ملاحظات وردود أفعال المستخدمين من أجل تصميم أكثر عصرية وأسهل استخداما. يركز هذا التصميم على الاستغلال الجيد للوقت وتجنب النقرات الإضافية. ويعتمد على مجموعة أيقونات محدثة وتشكيلة ألوان جديدة، وعلى تموضع مدروس لعناصر الواجهة والمسافات بينها. وعلى أسلوب واضح لصياغة الحروف (Typography). الهدف مما سبق جعل فايرفوكس مناسبا لجميع أنواع وأحجام الأجهزة.
نال شريط الأدوات (الشريط الذي يشمل شريط عنوان صفحة الويب (URL) وأيقونة قائمة المتصفح وأيقونات الإضافات المثبتة) تصميما جديدا يعتمد على إزالة عناصر التشتيت والإبقاء فقط على العناصر المستخدمة بصفة متكررة.
قوائم المتصفح: القائمة الرئيسة (التي يمكن الوصول إليها بواسطة أيقونة الأشرطة الأفقية الثلاثة (الهامبرغر) في أعلى يمين واجهة المتصفح) وقائمة النقر بالزر الأيمن المنبثقة؛ هذه القائمتان نالتا نصيبا من التغييرات. فقد أعاد المطورون تصميمها بشكل أبسط، أرفقوا في تصميمهم هذا قوائم إضافية، غيروا بعض أسماء القوائم إلى أسماء أكثر وضوحا وأسهل فهما، وأزالوا أيضا بعض الأيقونات غير الضرورية. كل ذلك بغرض مساعدة المستخدم في الوصول إلى المهام المطلوبة، والتقليل من نسبة التشتيت في أثناء البحث عنها.
في واجهة فايرفوكس توجد أيقونة على شكل درع يسار شريط العناوين؛ تعرض عند النقر عليها معلومات عن قائمة الجهات التي تتعقب وتتبع نشاط المستخدم على الويب وما يقوم فايرفوكس بحظره منها مع توضيح ما كان ضروريا منها لعمل الموقع. هذه الأيقونة أصبحت تومض أو تلمع خلال عمل المتصفح في الخلفية على حماية خصوصية المستخدم ومنع المتعقبين من انتهاكها.
التبويبات (Tabs) من أكثر ما سينتبه المستخدم لتغيره عن الإصدارات السابقة؛ فقد أصبح مظهرها عائما أو طافيا ومنفصلا عن شريط الأدوات. وأصبحت أطرافها منحنية وليست حادة كما كان قبل ذلك. كما يظهر التبويب النشيط الآن بطريقة متوهجة تميزه عن باقي التبويبات. تغيير آخر شمل التبويبات التي تحتوي على مقاطع تلقائية التشغيل؛ سيتمكن المستخدم اﻵن من تمييزها عن غيرها بما أنها تشير إلى تشغيل حالي لصوت المقطع. ويمكنه أيضا كتم صوتها بنقرة زر واحدة على هذا التبويب.
أصبح للإشعارات شكل مُحدَّث بحيث تشغل مساحات أقل وتكون أقل إزعاجا من قبل وأكثر عملية من حيث عدد النقرات. كما أزيلت الإشعارات والتنبيهات غير الضرورية تماما. وبالنسبة لمقاطع الفيديو التي تشتغل تِلْقائيًا عند تحميل بعض صفحات الويب فقد أصبح تشغيلها التلقائي معطلا افتراضيا.
تحسين حماية الخصوصية
متصفح فايرفوكس يُعَدُّ من المتصفحات التي تركز على أمان وخصوصية مستخدميها على غرار متصفح Brave ومتصفح DuckDuckGo. يأتي ذلك في وقت تزايدت فيه سياسة تعقب المواقع وشركات الإعلان للمستخدمين بما يضر خصوصيتهم.
متصفح فايرفوكس يمتلك إعدادا اختياريا صارما لمنع التعقب ضمن إعدادات الحماية المحسنة من التتبع (Enhanced Tracking Protection). وأضاف المطورون لهذا الإعداد خاصية جديدة منذ الإصدار 86 تسمى “الحماية الشاملة لملفات تعريف الارتباط” أو “Total Cookie Protection“. يتلخص عمل هذه الخاصية في إنشاء متصفح فايرفوكس لملف منفصل يسمى “جرة ملفات تعريف الارتباط” أو “Cookie Jar” لكل موقع على حدة؛ عند زيارة موقع معين لا يتمكن هذا الموقع ولا الأطراف الثالثة المضمنة في هذا الموقع من الوصول إلى ملفات تعريف الارتباط الإجمالية (في الحالة العادية جميع المواقع تستطيع الوصول إلى جميع ملفات تعريف الارتباط التي تحتفظ بسجل الزيارات والنشاطات لجميع المواقع التي زارها المستخدم). بل يوجه فايرفوكس الموقع المذكور إلى مِلَفّ جرة ملفات تعريف الارتباط الخاصة به فقط الذي لا يحتوي على معلومات من مواقع أخرى. وعند مغادرة الموقع يغلق فايرفوكس مِلَفّ جرة ملفات تعريف الارتباط الخاصة به. وبهذه الطريقة لا يصل الموقع المذكور إلى سجل النشاط على المواقع الأخرى ولا المواقع الأخرى ستصل لسجل النشاط على هذا الموقع.
الجديد في الإصدار الأحدث من المتصفح أن الخاصية السابقة “Total Cookie Protection” أصبحت افتراضية ومفعلة بصفة دائمة في وضع التصفح الخاص (Private Browsing) ولم تعد مجرد مِيزة اختيارية في إعدادات المتصفح.
تغييرات على نسخ Android و iOS
التصميم الجديد للمتصفح لم يقتصر فقط على نسخة سطح المكتب فنسخ الأجهزة المحمولة أيضا استفادت من النهج الجديد للتصميم. واجهة المتصفح على أجهزة iOS (آيفون وآيباد) حُدثت وحُسنت لتؤمن سهولة الوصول إلى الإجراءات بخطوات أقل وبسرعة أكبر (البحث، التنقل والعرض). وشملت التحسينات طريقة جديدة لعرض التبويبات، وتحديث طقم الأيقونات وأسماء القوائم لتتوافق مع المنصات الأخرى. ونُقلت قائمة التبويبات المتزامنة (Synced Tabs) إلى علبة التبويبات (Tab Tray) لتسهيل الوصول إليها على أي جهاز. كما أضيفت مِيزة الإكمال التلقائي لعناوين صفحات الويب إلى شريط العناوين.
خاتمة
كان هذا مقالنا عن إصدار متصفح فايرفوكس 89. الذي يقترب أكثر لفلسفة تصميم المتصفحات الأخرى مثل Google Chrome و Brave و Microsoft Edge. فهل تنجح موزيلا في استعادة شيء من حصتها السوقية المفقودة وهل تستعيد ثقة المستخدمين في متصفحها يا تُرَى؟
تقول إحدى أعضاء فريق موزيلا في مقال لها على مدونة موزيلا أن هذا الإصدار قد يجعل المستخدم الذي ترك متصفح فايرفوكس خلفه في ما مضى، قد يجعله يعود لاستخدام فايرفوكس كمتصفح افتراضي ومفضل بسبب النهج الحديث للتصميم. وبالنسبة لي كمستخدم لفايرفوكس لمدة تجاوزت ثلاث عشرة سنة وكمستخدم انتقل من هذا المتصفح (نسخة Firefox ESR طويلة الدعم) منذ ثلاث أشهر إلى متصفح فيفالدي. فأنا الآن مقتنع بتجربة فايرفوكس أكثر خلال الأيام القادمة. وراض بشكل كبير عن تجربتي الشخصية حتى الآن. وذلك لأن الأسباب التي جعلتني أنتقل منذ مدة (عدم ارتياحي لشكل الواجهة، بطء استجابة الواجهة عند التنقل وبعد النقر، بعض البطء في سرعة تحميل صفحات الويب مقارنة بالمتصفحات الأخرى) كل هذه الأسباب لم تعد موجودة حسب تجربتي بالشكل المزعج كما كان من قبل. ولهذا استخدمت المتصفح لكتابة مقالي هذا.